إن اختيار الأخصائي النفسي المناسب يمكن أن يكون له تأثير كبير على رحلتك نحو الصحة النفسية والرفاهية العاطفية. فالاختيار الصحيح لا يقتصر على المؤهلات الأكاديمية والخبرة المهنية فقط. بل يشمل أيضاً القدرة على التواصل الجيد، والشعور بالراحة والثقة مع الأخصائي.
لماذا يعد اختيار الأخصائي المناسب أمراً مهماً؟
إن النجاح في العلاج النفسي لا يعتمد فقط على مهارات الأخصائي، بل أيضاً على قدرتك على التواصل والتفاهم معه. وفي الإمارات العربية المتحدة، تتوفر خيارات متنوعة للعلاج النفسي، مثل العلاج النفسي الذي يتطلب تواجداً في العيادة، العلاج النفسي عبر الإنترنت، زيارة الأطباء النفسيين، أو الحصول على الإرشاد النفسي؛ إلا أن كثرة الخيارات، تصاحبها مسؤولية أكبر لاختيار شخص مؤهل وذو خبرة ويتوافق مع قيمك واحتياجاتك.
ما الذي يجب التحقق منه عند اختيار الأخصائي النفسي؟
1. المؤهلات والترخيص
- تحقق من امتلاك الأخصائي النفسي في الإمارات مؤهلات أكاديمية معترف بها، مثل البكالوريوس في علم النفس أو الإرشاد النفسي، ويفضل أن يكون حاصلاً على درجة الماجستير أو الدكتوراه في اختصاصه. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المناصب تتطلب مؤهلات أعلى، لا سيما لغير مواطني الإمارات.
- في دبي: يجب أن يكون الأخصائيون والمعالجون النفسيون ومن يمتهنون الرعاية الاجتماعية مرخصين من قبل الهيئة العامة لتنمية المجتمع (CDA)، في حين يتم ترخيص بعض علماء النفس من قبل هيئة الصحة في دبي (DHA).
- وفي أبو ظبي: تقوم دائرة التنمية المجتمعية (DCD) بترخيص مهن الرعاية الاجتماعية.
- تأكد من أن نوع الترخيص يتوافق مع نوع العلاج الذي تبحث عنه، سواء كان إرشاداً نفسياً، علاجاً نفسياً، علم نفس سريري، علاج سلوكي، أو رعاية نفسية طبية، إذ تتطلب التخصصات المختلفة مؤهلات مختلفة.
- عليك التأكد أيضاً من أن مؤهلات الأخصائي تتوافق مع معايير الترخيص الرسمية، إذ لا تتوفر لدى الأخصائيين غير المرخصين الحماية القانونية والأخلاقية نفسها.
2. التخصص والخبرة
- تحقق مما إذا كان لدى الأخصائي خبرة سابقة في علاج حالات مثل حالتك، مثل علاج الأزواج، القلق، الاكتئاب، أو الصدمات النفسية، فالخبرة العملية مهمة جداً.
- اسأل عن مدة ممارسة الأخصائي لمهنته، ويفضل أن تكون الممارسة ضمن الإمارات أو بيئات ثقافية مشابهة يكتسب من خلالها فهماً أفضل للعادات والتقاليد والوصمات الاجتماعية.
3.أسلوب العلاج والمنهجية
- استفسر عن أساليب العلاج المستخدمة مثل العلاج النفسي الديناميكي، العلاج بإعادة معالجة الحركة العينية ( EMDR)، العلاج السلوكي الجدلي، العلاج المعرفي السلوكي، وغيرها؛ فبعض الأساليب قد تكون أكثر ملاءمة لحالتك.
- تحقق مما إذا كان يُقدم العلاج حضورياً، عبر الإنترنت، أو كلاهما، فالعلاج عبر الإنترنت يوفر المرونة والخصوصية وسهولة أكبر للوصول.
4. الخصوصية والسرية والأخلاقيات
- يجب أن يشرح الأخصائي سياسات السرية بالتفصيل، لا سيما خلال الجلسات عبر الإنترنت، كما يجب أن يوضح أساليب الحماية المتاحة والإجراءات المتبعة عند الاضطرار إلى تجاوز السرية أو التعامل مع حالات الطوارئ.
- يجب أن تستفسر أيضاً عن المبادئ الأخلاقية والالتزام بالقوانين المهنية المحلية أو الدولية، وأن تتحقق من إمكانية التأكد من الترخيص بشكل رسمي.
5. الانسجام والراحة
- يعد التوافق في أسلوب التواصل ووجود القيم المشتركة والتشابه في الشخصية بينك وبين الأخصائي أمرا ً حاسماً لنجاح العلاج. وفي هذا الصدد، تقدم بعض العيادات جلسة تعريفية قصيرة لتقييم شعورك بالراحة.
- كما يعد عامل اللغة أمراً أساسياً، فاستخدام الأخصائي النفسي للغة تفضلها في التعبير عن مشاعرك، وقدرته على فهم خلفيتك الثقافية، يعزز نجاح العلاج.
6. العوامل العملية
- التكلفة: تختلف رسوم العلاج النفسي في الإمارات حسب الموقع ونوع العلاج ومؤهلات الأخصائي.
- التأمين الصحي: تحقق مما إذا كان الأخصائي يقبل التأمين أو إذا كانت جلسات العلاج مغطاة به.
- المرونة وتوافر المواعيد: تأكد من مدة الجلسات، المواعيد المتاحة، وأوقات العمل. وبالنسبة للعلاج عبر الإنترنت، تحقق من جودة الاتصال بالإنترنت والأجهزة المستخدمة.
خطوات عملية لضمان اختيار الأخصائي النفسي المناسب في الإمارات
- إعداد قائمة بالأخصائيين والعيادات في مدينتك (دبي، أبو ظبي) عن طريق الموارد المتاحة عبر الإنترنت.
- التحقق من المؤهلات والترخيص والتخصصات.
- قراءة تقييمات العملاء أو الحصول على توصيات من الآخرين.
- التواصل مع الأخصائي لطرح الأسئلة حول أسلوب العلاج، التكلفة، كيف ستجري الجلسة، وكيفية قياس التقدم في العلاج، خاصة خلال الجلسات التعريفية المجانية.
- تجربة الجلسة: قد تحتاج أحياناً لخوض التجربة لتحديد مدى راحتك، فإذا لم تشعر بالراحة، يمكنك تجربة أخصائي آخر.
- إعادة التقييم: بعد عدة جلسات، تحقق من تحسن حالتك وما إذا كنت تشعر بالأمان والفهم والراحة، فجوهر العلاج النفسي هو الالتزام المتبادل.
في الختام، يمكن القول إن اختيار الأخصائي النفسي المناسب في دبي أو الإمارات هو قرار يتطلب قدراً من التوازن بين الجوانب العلمية والعملية، وبين الاعتبارات الشخصية والإنسانية. فالمؤهلات الأكاديمية والخبرة المهنية تظل ركائز أساسية، لكن النجاح الحقيقي للعلاج يرتبط أيضاً بمدى الارتياح الشخصي وجودة التواصل مع الأخصائي. لذا، فإن التأكد من الترخيص الرسمي، وطرح الأسئلة المناسبة، والاعتماد على الحدس الشخصي في تقييم العلاقة العلاجية، كلها خطوات تعزز فرص الحصول على تجربة نفسية مثمرة وفعّالة، تترك أثراً إيجابياً ملموساً على الصحة النفسية وجودة الحياة بشكل عام.