قد يكون حجز جلستك الأولى مع أخصائي نفسي عبر الإنترنت أو التفكير في استشارة طبيب نفسي عبر الإنترنت خطوة مثيرة للفضول ومليئة بالتساؤلات حول التجربة بحد ذاتها، وكيف يمكنك الاستعداد لها، وفيما إذا كانت تختلف كثيراً عن العلاج التقليدي الذي يجري عادةً وجهاً لوجه مع الأخصائي النفسي.
في هذا المقال سنأخذك خطوة بخطوة لتتعرف على ما يحدث عادةً في الجلسة الأولى، وكيف تستفيد منها بأفضل شكل ممكن، وسنتعرف معاً على الأسباب اتي تجعل العلاج النفسي عبر الإنترنت خياراً عملياً وفعّالاً.
ما هو العلاج النفسي عبر الإنترنت؟
- العلاج النفسي عبر الإنترنت هو عبارة عن جلسات استشارية أو علاجية تتم عبر مكالمات الفيديو، المكالمات الصوتية أو حتى الرسائل النصية، والتي يتم تقديمها من قبل أخصائيين نفسيين، أو مستشارين، أو أطباء نفسيون سريريون معتمدون.
- أما المعالج النفسي عبر الإنترنت، فهو طبيب متخصص في الصحة النفسية، يمكنه تشخيص الاضطرابات النفسية، وصف الأدوية عند الحاجة، ومتابعة الخطة العلاجية.
ماذا يحدث في جلستك الأولى؟
عليك أن تتوقع ما يلي خلال موعدك الأول عبر الإنترنت مع طبيبك النفسي أو معالجك النفسي:
1. الإعداد والتعريف
- قبل أي شيء، يجب التأكد من الجوانب التقنية، مثل الكاميرا، والصوت، وجودة الاتصال بالإنترنت.
- يشرح لك الأخصائي خلال الجلسة الأولى كيف تسير الجلسات عبر المنصة، والأمور المتعلقة بالسرية وحماية البيانات، وماذا سيحدث بعد الجلسة.
- ستُعرض عليك أيضاً سياسات تتعلق بأساليب الدفع والإلغاء، لضمان وضوح العملية من البداية.
2. الحديث عن نفسك ومخاوفك
- سيقوم الأخصائي بطرح أسئلة عن أبرز ما تعانيه حالياً، مثل اختبارك للقلق، أو معاناتك الاكتئاب، أو الأرق، أو الحزن، أو أي ضغوطات … إلخ.
- ثم سيناقش معك تاريخك الطبي، ومحيطك العائلي والاجتماعي، وروتين حياتك، وتجاربك السابقة مع العلاج إن وجدت.
- تجدر الإشارة إلى أن وجود استمارة تقييم سابقة قد تسهّل هذه المرحلة وتوفر وقتاً للتركيز على التفاصيل الأهم.
3.تحديد الأهداف والتوقعات
- سيتم خلال الجلسة الاتفاق على ما ترغب في الوصول إليه، مثل تقليل التوتر، أو تحسين المزاج، أو تطوير مهارات التكيف.
- وأيضاً، سيتم مناقشة عدد الجلسات، ومدتها، وما إذا كانت هناك مهام أو أنشطة بين الجلسات لمتابعة التقدم.
4. التعرف على أسلوب الأخصائي
- سيوضح لك المعالج أو الطبيب النفسي المنهج الذي سيتبعه في العلاج، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، أو العلاج الديناميكي، أو غيره.
- بالإضافة إلى العلاج بالكلام، قد يناقش المعالج معك ما إذا كنت بحاجة إلى دواء، أو إذا كان ينبغي متابعتك بشكل منتظم، أو إجراء بعض الفحوصات الطبية.
5. الأمان والسرية وبناء الثقة
- إن معرفة كيفية حماية خصوصيتك تُعد من أهم الجوانب في العلاج النفسي عبر الإنترنت، إذ يجب أن تكون لدى المنصة سياسات واضحة حول السرية، مثل استخدام مكالمات الفيديو المشفّرة؛ كما يجب أن تُوضّح الحالات التي قد تستدعي تجاوز السرية، مثل وجود خطر على النفس أو الآخرين.
- ينبغي على المعالج أيضاً أن يوفر لك الظروف الملائمة التي تشعرك بالأمان لتكون مرتاحاً في مشاركة معلوماتك الشخصية معه. وإذا لم يحدث ذلك، ينصح بإجراء تعديلات أو البحث عن معالج آخر.
6. طرح أسئلتك
من المهم أن تستفسر عمّا يشغلك، مثل شعورك بعدم الراحة مع المعالج، والسؤال عن كيفية التعامل مع الحالات الطارئة، وإمكانية التواصل معه بين الجلسات، إضافة إلى الاستفسار عن خبرته في التعامل مع الحالات المشابهة لحالتك.
7. التخطيط للمرحلة المقبلة
في نهاية الجلسة، ستلخصان معاً أهم النقاط، وتضعان خطة مبدئية للخطوات القادمة. وسيتم غالباً تحديد موعد الجلسة التالية، وقد يقترح المعالج قيامك بأنشطة بسيطة كالتدوين أو متابعة المزاج.
كيف تستعد لجلسة أكثر فاعلية؟
- فكر مسبقاً وحدّد ما تريد مناقشته، وأكثر ما يزعجك حالياً.
- اختر مكاناً هادئاً ومريحاً، مع إنترنت مستقر، واستخدم سماعات الأذن للحفاظ على الخصوصية.
- لا داعٍ للقلق عند شعورك بالتوتر أو عدم مقدرتك على التعبير عن نفسك. يكفي أن تكون صريحاً وصادقاً بقدر ما تستطيع.
- ضع توقعات واقعية، فالجلسة الأولى للتعارف والتخطيط، وليست لحل جميع المشكلات فوراً.
- استفد من المتابعة واعتمد على أدوات مثل تتبع المزاج أو التدوين إن توفرت عبر المنصة.
مزايا العلاج النفسي عبر الإنترنت
- سهولة الوصول للجلسات من أي مكان دون الحاجة للتنقل.
- مرونة في المواعيد تناسب جدولك اليومي.
- خصوصية أكبر خاصة لمن يفضلون عدم زيارة العيادات.
- الاستمرارية وسهولة المتابعة للحصول على نتائج فعّالة كثر.
التحديات المحتملة
- الأعطال التقنية: مثل ضعف الإنترنت أو مشاكل الصوت والصورة.
- فقدان بعض الإشارات غير اللفظية: كحركات الجسد أو تعابير الوجه.
- التعامل مع الحالات الطارئة: من المهم معرفة كيف سيتصرف الأخصائي إذا احتجت لمساعدة عاجلة.
- التأكد من الترخيص: يجب أن يكون الأخصائي معتمداً في بلدك، وأن تعرف مدى تغطية التأمين للعلاج.
نقاط مهمة عند اختيار العلاج عبر الإنترنت
- التأكد من أن الأخصائي مرخّص ومعتمد.
- خبرته في التعامل مع حالات مماثلة أو شبيهة لحالتك.
- فهمه لثقافتك وقدرته على التواصل بلغتك.
- قدرته على التعامل مع الأزمات أو إحالتك لجهة أخرى في حال لزم الأمر.
- وضوح التكاليف والتغطية التأمينية.
- ضمان أن المنصة آمنة وتحمي بياناتك.
في نهاية الأمر، يعد البدء في العلاج النفسي عبر الإنترنت خطوة جريئة ومهمة نحو تحقيق توازن نفسي وعاطفي أفضل. وفي وقت قد تبدو الجلسة الأولى فيه غير مألوفة أو محاطة بالتساؤلات، إلا أنها تُعتبر حجر الأساس لبناء علاقة قائمة على الثقة والتفاهم وتحديد الأهداف؛ كما يعتبر وجود أخصائي نفسي يستمع إليك بإنصات ويدعمك، أمراً من شأنه أن يمنحك مزيداً من الراحة والأمل من البداية.